لكن الجميع استحسن مبادرة تحويل الندوة التكريمية الى وقفة تأبينية، محمد
الهادي الحسني والدكتور عبد المجيد بيرم، الأمين العام لجمعية العلماء
المسلمين كانا من أوائل الواصلين، الى مقر الجريدة، وقبل الموعد المحدد
لإنطلاق الندوة كانت القاعة قد امتلأت، وكم كان مؤثرا دخول الشيخ محمد فارح
محمولا، رغم وضعه الصحي، الا أنه كان حريصا على المشاركة في الندوة
وحضورها، ابنا الشيخ شيبان، نوفل وعبد الحميد جاءا من السكن العائلي
بالبويرة خصيصا لحضور الندوة، وخلفا واءهما عمها الشيخ السعيد شيبان
وأخوهما الدكتور خالد، قبل انطلاق الندوة شغّل القائمون على القسم التقني
فيلما تصويريا للندوة التكريمية التي أقامتها الشروق على شرف الشيخ شيبان
في اكتوبر 2008، الكلمة التي ألقاها الشيخ الفقيد خلال تلك الندوة أثرت
كثيرا على الحاضرين الذين لم يتمكن جلهم من كبت دموعهم، بل نحيبهم احيانا،
ثم كانت تلك الكلمة قاعدة بنى عليها المتدخلون كلماتهم، ومرة اخرى برزت
شخصية الشيخ عبد الرحمان شيبان الجامعة، فحضر في الندوة ناشطون سياسيون
اسلاميون وغير اسلاميين، وحضر في الندوة اشخاص لا علاقة لهم بالعمل
السياسيي، حضر علماء وحضر أناس بسطاء.. في المجمل حضرت الندوة الجزائر التي
أرادها الفقيد عبد الرحمان شيبان وآخرون، بل نذروا لها حياتهم..
وصية عبد الرحمان شيبان تثير الأشجان
عندما صعد الأستاذ الزبير طوالبي الى المنبر ليقرأ الورقة الأساسية لوصية الشيخ
شيبان، أثارت شهادته أشجان الحاضرين، خاصة عندما نقل الى الجمع سؤال الشيخ
عبد الرحمان عن كل من الدكتور عبد الرزاق قسوم والشيخ محمد الهادي الحسنى،
ولم يتمكن الأستاذ محمد الهادي الحسنى الذي كان جالسا على المنصة الرئيسية
من تمالك مشاعره وباءت محاولته لكبت بكائه ونحيبه بالفشل.. باختصار كانت
تأبينية الأمس التي حضرها أكثر من 400 شخص -رغم ضيق الوقت الذي حضرت فيه -
تشبه ملتقى اجتمع فيه اصدقاء، تلاميذ ورفاق فقيد الأمة الجزائرية
والإسلامية رحمه الله...
البيت العائلي للشيخ الفقيد قبلة لمئات المعزين
من جهة أخرى، تحول بيت العائلي لآل شيبان ببلدية الشرفة وبالضبط بمنطقة أب
علي لليوم الثاني على التوالي إلى قبلة للمعزين الذين قدموا من كل حدب وصوب
ومن مختلف ولايات الوطن لمواساة عائلة الفقيد الشيخ والعلامة عبد الرحمان
شيبان الذي فقدته الجزائر عن عمر يناهز 93 سنة، وقد ووري التراب في يوم
وشهر يعدان من أفضل الأيام والشهور عند الله بمقبرة المدينة، هذا ولاتزال
الوفود المعزية لعائلة وأقارب الفقيد العلامة عبد الرحمن شيبان تصل جماعات
جماعات لتقديم واجب العزاء لعائلة رجل عاش طيبا ومات طيبا. للاشارة فإن
عائلة شيبان معروفة على مستوى الوطن بدليل ان المئات لم يسعفهم طول المسافة
لحضور مراسيم الدفن وقد التحقوا في اليوم الثاني.
عبد الرزاق قسوم يشيد بمناقب الشيخ شيبان
شيبان وثّق أول جمعة أمّها الإبراهيمي بكتشاوة بعد الاستقلال
حاول الدكتور عبد الرزاق قسوم تسليط الضوء على أهم المحطات النضالية والحياتية
للشيخ عبد الرحمن شيبان -رحمه الله وطيب ثراه- وركز على حبه للأدب وفن
البلاغة "حياة الشيخ موسوعة مفتوحة على الأناقة والجهاد، ينتقي الكلمات
ودلالة معانيها. وخلال فترة معهد ابن باديس تميز شيبان بطيبته وتواضعه مع
طلبته، فقد كان يصادقهم ويعلمهم الذوق الأدبي والفني، ونفس الشيء مع
زملائه من الأساتذة. كان متميزا بقدرته على استنباط المعاني من القصائد
والنصوص الأدبية". وعن أهم مواقف الشيخ شيبان الراسخة في ذهنه وفي الذاكرة
الجماعية الدور الذي لعبه شيبان بعد استرجاع مسجد كتشاوة "بعد عودته من
تونس سجل أول موقف بالإصرار على توثيق أول خطبة ألقاها البشير الإبراهيمي
بعد أن أعاد الله مسجد كتشاوة إلى الإسلام، وكانت أول جمعة يؤمها
الإبراهيمي وهي مدونة وموثقة بفضل الشيخ شيبان". وشدد الدكتور عبد الرزاق
قسوم على أن الشيخ شيبان أعطى جمعية العلماء المسلمين أبعادا جديدة بعد
تسلم المشعل من الشيخ أحمد حماني، لم يتوقف عن النضال من أجلها "كان آخر
ما قاله لي يوم زرته في العيادة هو وصيتي بالجهاد من أجل هذه الأمة".
الهادي الحسني
شيبان تكفف الأراذل الأسافل من أجل جمعية العلماء المسلمين
قال الشيخ الهادي الحسني في شهادته حول الشيخ الفقيد عبد الرحمان شيبان، أمس
بمقر الشروق، إن فقدان عالم مثل فقيد الجزائر ليس كفقدان أي شخص، خاصة
وأنهم كرمهم المولى عز وجل في كتابه العزيز.
وأكد الحسني أن الشيخ شيبان كان مجاهدا طوال حياته، ولم يجاهد من أجل المكاسب
بل من أجل المقومات التي لا تكون الأمة أمة إلا بها، وهي الثوابت الوطنية
للشعب الجزائري، مضيفا أنه احتك بالشيخ شيبان لما صار وزير الشؤون الدينية،
مضيفا أن رئيس جمعية علماء المسلمين كان أديبا، فقيها، سياسيا، وله مناقب
وتفضل على كل من عرفه، مشيرا إلى أن الشيخ شيبان ينطبق عليه المثل القائل،
إن "الإسلام حركة دايما لا بركة نايمة" وهكذا كان فقيدنا رحمه الله، يقول الحسني.
كما أضاف المتحدث في شهادته هذه، أن الشيخ شيبان وحتى أواخر حياته وبالرغم من
بدء أجرافه وجسمه يفقدان الحركة، غير أن قلبه بقي حيا لآخر لحظة، وهو يسأل
على حال البلاد والعباد، وينصح ويشير.
الشيخ الحسني تحدث أيضا على عدة مواقف حدثت له مع الشيخ الفقيد، على غرار تشريفه
بإلقاء الدروس مكانه في مسجد القدس، وكذا بتوفير مسكن لائق به، مؤكدا أن
الشيخ شيبان بذل ماء وجهه أمام أشخاص لا يتأهلون لأن يكونوا خداما عنده،
وأنه تكفف الأراذل الأسافل من أجل جمعية العلماء المسلمين.
راشد الغنوشي من تونس:
عزاؤنا في فقده أنه زرع فينا الدين القويم
قال راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية، في مكالمة هاتفية،
أثناء الوقفة التأبينية التي نظمتها يومية الشروق، بحضور جمع غفير من
أصدقاء المرحوم، طلبته وتلامذته، إن عزاء الجزائر وكل من عرف الشيخ شيبان
عن قرب، أنه زرع في قلوب الجزائريين دينا قويما، مضيفا أنه تعرف عن قرب على
الشيخ عبد الرحمان شيبان، في بداية التسعينات، وتعرف حينها على مبادئ
الشيخ، ورؤاه لقضايا الأمة.
وقدم الغنوشي، تعازيه وتعازي الشعب التونسي لكل الجزائريين وليس فقط للعائلة،
كونه حسب ما قال فقيد كل الجزائريين، مضيفا نحن نعزي أنفسنا في فقده ونعزي
كل التونسيين.
محيي الدين عميمور:
الشيخ شيبان كان رجل دولة بامتياز
ركّز محيي الدين عميمور وزير الثقافة الإعلام السابق، في كلمته على الجانب
السياسي للشيخ عبد الرحمن شيبان، قائلا إن الفقيد كان رجل دين ورجل دولة،
مضيفا أن فقيد الجزائر لم يمش مع الرياح مثل ما فعل الكثير، وهذه الصفة
جعلته يربط صداقات مع أصحاب كل التيارات.
وسلط عميمور، الضوء على دور الشيخ الفقيد في رعاية المعلمين الأحرار آنذاك،
وكذا كيف أنقذ المدرسة الجزائرية من قبضة المستعمر، وتطرق المتحدث إلى أن
الشيخ شيبان كان رجل مواقف بامتياز، إلى عدد من المواقف المشهورة في
مقدمتها موقف كان له مع الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، في الحرم المكي،
حين كان عدد من الرؤساء العرب يؤدون فريضة الحج، وتعمد ملك المغرب الوقوف
في مكان لا يستطيع الشاذلي المرور عنه إلا وسلم عليه، فاقترح عميمور أن
يطوف الوفد الجزائري رغم أن وقت الطواف قد انتهى، حتى لا يلتقي الوفد مع
ملك المغرب، وكان للشيخ شيبان أن بارك ووافق على الخطة، واصفا الفقيد
بالداعية الحقيقي الذي لا يخاف لومة لائم في الله.
مواقف أخرى سلط المتحدث عليها الضوء، جمعته به سواء في الوزارة أو في الحياة
اليومية، كموقف مع الرئيس بن جديد دائما، يدل على معرفة الفقيد حدود منصبه
جيدا، وهو في الوزارة، الأمر يتعلق بموت توفيق المدني، وكيف طلب المتحدث من
الشيخ شيبان أن يرسل تعزية لعائلته على أمواج الإذاعة، غير أن الشيخ لم
يحرك ساكنا حتى تحرك الرئيس بن جديد.
حسين عنبر ممثل السفارة الفلسطينية بالجزائر
معظم سفراء فلسطين زاروا الشيخ بعد تأديتهم المراسيم الرسمية
أكد حسين عنبر ممثل السفارة الفلسطينية بالجزائر، أن الشيخ شيبان كان قبلة
لمعظم سفراء فلسطين بالجزائر، مباشرة بعد تأديتهم للمراسم الرسمية، حيث
كانوا يزورونه في مقر الجمعية، أو في بيته وينقلون له آخر المستجدات في
فلسطين.
وأضاف حسين عنبر، أن المواقف المشرفة والصلبة للشيخ شيبان اتجاه الشعب
الفلسطيني، كانت كثيرة ومتعددة، حيث كانت تدمع عيناه لمجرد أن يتذكر القضية
الفلسطينية، وهو الرجل الذي اختار مسجد القدس بشكل خاص حبا في بيت المقدس،
مؤكدا أن الشيخ شيبان كان يقول لكل من يزوره من فلسطين أشم فيكم رائحة بيت المقدس.
وأكد حسين عنبر الذي منحه الفقيد عضوية في جمعية العلماء المسلمين، كطالب علم،
أن الشيخ شيبان كان يكتب مقالات كلما قصفت إسرائيل منطقة من فلسطين، وكانت
له ردود أفعال قوية فورية.
وكشف المتحدث عن زيارة أبكت الشيخ الفقيد كثيرا، وهي زيارة الشيخ يوسف سلامة،
وكذا الشيخ عكرمة صبري، مشيرا إلى أن الشيخ شيبان لم تفقده الجزائر فقط، بل
فلسطين والعالم الإسلامي، لأنه عالم رباني، مجاهد وفقيه.
محمد الصغير بلعلام :
شيبان فتح أعين فارح ووطار والركيبي على جمال اللغة العربية
استشهد الشيخ محمد الصغير بلعلام على هامش تأبينية الشيخ عبد الرحمن شيبان التي
نظمتها الشروق، ببجملة من المواقف والسلوكات الراقية "هو آخر شيخ درست على
يده في معهد ابن باديس وبقي شيخي دائما وكلما صعب علي أمر عندما أكلف
بإلقاء محاضرات ألجا إليه فيساعدني بالمعلومات والكتب على غرار محاضرتي
توفيق المدني والطاهر الجزائري. هو شيخ لا يعوض أبدا فهو من فتح أعيننا على
جمال اللغة العربية وهو من ربى فينا الذوق الجميل ومن ربى ذلك الذوق في
الطاهر وطار وعبد الله الركيبي ومحمد فارح وكثير من المبدعين على جمال
اللغة العربية وأسرارها. شيبان كان دائما متأنقا في لباسه وسلوكاته وشجاعا،
فهو من استطاع ان يأي بالطاهر بن عاشور ليكون رئيسا شرفيا لجمعية الطلبة
الزيتونيين. وهو أيضا من دافع عندما كان في المجلس التأسيسي على أن يكون
الإسلام دين الدولة واللغة العربية اللغة الأم في الدستور".
الدكتور عبد الحفيظ آمقران:
للشيخ مواقف مشهودة في التربية والسلوك والتسامح
أكد الدكتور عبد الحفيظ آمقران أن الشيخ عبد الرحمن شيبان كان رفيقه في
الجهاد، ورافقه في مهمة من الحكومة المؤقتة بطرابلس الليبية، حيث ارسل
مستشارا هناك ومكث بها خمسة أشهر. وأفصح الرجل عن شهادته الخالصة في الشيخ
عبد الرحمن شيبان "لقد خدم جمعية العلماء، وكان حريصا على تخصيص ملتقيات
الفكر الاسلامي لكتاب الله العزيز وسنة نبيه الكريم ثم الاجتهاد". وله
مواقف مشهودة في التربية والسلوك والتسامح مع جميع التيارات السياسية والدينية.
محمد يعقوبي: الفقيد كان أكثر الناس وعيا بالهوة بين الأجيال
شيبان رجل من رجالات الإجماع، حيا وميتا، فقد جمع في جنازته شخصيات من مختلف
التيارات. وكان من أكثر الناس وعيا بالهوة بين الأجيال، وهو من المرجعيات
الوطنية التي على الأجيال اللاحقة الاستفادة منها عوض استيراد المرجعيات من الخارج.
رشيد وزاني:
نلت شرف الكتابة عن الشيخ حيا
ألقى رشيد وزاني قصيدة شعرية كتبها بتاريخ 4 أكتوبر 2007 ذكر فيها مناقب الفقيد
عبد الرحمن شيبان، والتي قال بشأنها أنه نال شرف كتابتها والشيخ شيبان حي
يرزق، ونال شرف قراءتها وروحه صعدت إلى الرفيق الأعلى.