[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]هي مقولة يتداولها الجزائريون اليوم فيما بينهم للتعبير عن
الافتخار والاعتزاز، وعن الأسف والمرارة في الآن نفسه على أحوال الساسة
والمثقفين والموظفين والبسطاء الذين تيقنوا بأن هامش الحرية الذي ينعمون به
لا تتمتع به الكثير من الشعوب العربية وغيرها، ويتأكدون كل يوم بأن الكلام
الذي يسمعونه ويكتبونه ويقولونه سيقتلهم غيظا وحسرة، لأنه "لا حياة لمن
تنادي"، ولم يتغير شيء رغم كل ما نزخر به من قدرات ومقومات بشرية ومادية لم
تشفع لنا لتغيير أحوالنا.. ندرك بأن الكثير من الشعوب يموت أبناؤها أو يسجنون وتكمم
أفواههم عندما يريدون التعبير عن آرائهم وأفكارهم ومعتقداتهم، ونستشعر
بأننا في نعمة عندما نتصفح الجرائد اليومية ونشاهد القنوات التلفزيونية
الخاصة وعندما نتمعن في ذلك الهامش الكبير من الحرية التي نتمتع بها،
وديمقراطية الواجهة التي نتباهى بها في كل الاستحقاقات، ولكننا بالمقابل
نصاب بالصدمة والحسرة ونموت صغارا، لأننا نتكلم بحرية وننتقد وندد دون جدوى
حتى أصابنا اليأس والملل ومات بعض رجالنا ونسائنا وشبابنا غيظا على أوضاع
سياسية واقتصادية واجتماعية بائسة تتدهور ولكنها لم تتغير.
كل الجزائريين يتحدثون عن الجمود السياسي الحاصل والفراغ والغموض
الذي يكتنف الكثير من الملفات والقطاعات، وفشل بعض المؤسسات والمسؤولين في
مهامهم، ويتحدثون عن ضرورة التغيير والإصلاح منذ مدة، ولكن لا حياة لمن
تنادي ولا شيء تغير، بل يزداد الحال سوءا وتزداد التخوفات وتنحط المعنويات لنبقى نتفرج ونتكلم حتى نموت غيظا دون أن يحرجنا أحد!
نتحدث يوميا عن مشاكل اجتماعية واقتصادية وتربوية وأخلاقية تتفاقم
بسبب الإهمال واللامبالاة وسوء التسيير والتقدير، وعن تراجع الكثير من
القطاعات الحيوية عندنا، ونتحدث عن تذمر فئات واسعة من أبناء الشعب من
أوضاع لا تناسب قدراتنا وإمكانياتنا.. ولكننا نتكلم حتى نموت غيظا!
نتحدث يوميا عن طبقة سياسية تجاوزتها الأحداث وسياسات تربوية
وتعليمية وصحية وثقافية ورياضية فاشلة، ولكن مسؤوليها في مناصبهم منذ سنوات
يكرسون الإقصاء ويرسخون الفشل والعجز ويقتلون فينا كل أمل وطموح، ويفوتون
الفرصة على أجيال متعاقبة صابرة ومؤمنة وشجاعة رفضت الانسياق وراء المغامرين!
الكل يتحدث عن أزمة ثقة سائدة في الأوساط الشعبية ومستقبل غامض
لجيل الاستقلال الذي سيحتفل بعد أيام بعيده الوطني الخمسين دون أن نمكنه من
اختيار مشروع المجتمع الذي يريده، ونمكنه من تقرير مصيره وتحمل مسؤولياته.
الكل يتحدث عن تراجع الرياضة الجزائرية ونقص المرافق والمؤطرين
وغياب إستراتيجية وطنية واضحة وانعدام الاهتمام بالكفاءات والمهارات، ولكن
الشباب لم يجدوا بمن يستغيثون بعد ما قتلنا فيهم كل طموح وتركناهم يصرخون
ويستغيثون دون مجيب.
في ظل هذه الأوضاع تركوا لنا المجال لنكتب ونتحدث في وسائل
الإعلام والمقاهي والصالونات عن الرئيس والوزير والمدير وعن التبذير والنهب
والظلم وننتقد السياسات والقرارات دون أن يتحرك أحد ودون أن يحرجك أحد أو
يقول لك بأنك مخطئ أو بأنهم سيستجيبون... يتركونك تتكلم حتى تستسلم أو تموت غيظا وقهرا ليستمروا هم في مواقعهم ومناصبهم يتفرجون على أوضاع نعرف كلنا بأنها ليست على ما يرام، ويعرفون ويقرون بأنها سيئة ولكنهم صم- بكم- عمي- وقاعدون!!