عبد القادر تيديكلت
المدير العام
عملي : هويتي : المزاج : الساعة الآن : الموقع : تيديكلت ابداع الوظيفة : المدير العام للمنتدى عدد المواضيع : 32873
بطاقة الشخصية مشاركة الموضوع : مشاركة
| موضوع: لا سياسية ولا اجتماعية.. أزمتنا أخلاقية السبت 30 أبريل 2011, 23:46 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] حفيظ دراجي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] اختلف الجزائريون مرة أخرى في تحديد طبيعة الأزمة التي تعاني منها بلادنا وأبناؤنا، بين من يعتبرها سياسية وأمنية، ومن يصنفها اجتماعية أو اقتصادية وحتى ثقافية، ولم نتمكن من تشخيص واقعنا وتحديد سياستنا لمعالجة مشاكلنا، فتعقدت أمورنا وتعددت أزماتنا، وأخطأنا حتى في طبيعة النقاش الذي نخوضه اليوم حول مشروع المجتمع الذي نريده، واقتصر تركيزنا على أمور ثانوية وهامشية وشكلية، في أوساط الساسة والمثقفين والإعلاميين والرياضيين، وكل فئات المجتمع.
كل الدلائل والشواهد والتجارب التي مررنا بها، تؤكد أن مشكلتنا أخلاقية، يعاني منها الأفراد المؤسسات، والحكام والمحكومون، والصغار والكبار.. مع الذات ومع الغير، في الأسرة والشارع والمدرسة، وفي كل مؤسسات الدولة والمجتمع: - أزمة الساسة عندنا أخلاقية بالدرجة الأولى، حوّلت النقاش والتنافس بينهم إلى تصفية حسابات قديمة، وحقد وكراهية وإلغاء الطرف الآخر، أو معارضته لأسباب ذاتية وجهوية وشخصية، بعيدا عن النقاشات الأساسية، فتحولت الممارسة السياسية إلى نفاق كذب وافتراء وتواطؤ ضد مصالح الشعب.. - أزمتنا في الحقد والكراهية والأنانية التي طغت على النفوس والعقول، فكل واحد منا يعتقد بأنه الأفضل والأصلح والأجدر بتسيير أمور البلاد والعباد، وصار الكبير يحقد على الصغير، والقديم لا يقبل الجديد، وأعداء النجاح يتحيّنون الفرص لتحطيم كل شيء جميل، والخيرون من أبناء الوطن مكبلين أو مهمشين. - أزمتنا في إخفاقنا في تنشئة الجيل الصاعد على حب الوطن وعلى الحرية والديمقراطية واحترام الغير، وتربيتهم على مبادئ التآخي والتسامح وتقديس الجهد والكسب الحلال والشريف، بدلا من تركيزنا على الجوانب المادية والذاتية. - أزمتنا في منظومتنا التربوية والصحية والثقافية المتردية التي لم تستقر على حال، لأن الأهواء لا تزال تحكمها منذ فجر الاستقلال، بعيدا عن القيم والمبادئ وعن مقوماتنا ومتطلبات العصر، فظل المجتمع رهينة تجارب متكررة فاشلة تتحمل وزرها الأجيال المتعاقبة. - أزمتنا في نكران جميل الرجال والنساء، الذين ضحوا من أجل الوطن عبر التاريخ، والتهرب من كتابة تاريخنا كما هو بسلبياته وإيجابياته، والاعتراف بأخطائنا وتصحيحها. ومشكلتنا في تنكر كل واحد منا لجهود غيره، فنعتبر أنفسنا أصحاب الفضل في الثورة والاستقلال وفي بناء الدولة الجزائرية، وأن الجيل الحالي جيل قاصر وغير قادر على القيام بواجباته تجاه الوطن والأمة، التي ضحى من أجلها أجدادنا. - أزمتنا في تغييب المثقفين والمفكرين عن اتخاذ القرار، وغياب التقدير والاحترام للكفاءات والمخلصين، والخوف منهم على مصالحنا ومناصبنا، وإنكارنا لأفضال من سبقونا، فكان الإقصاء الممارس من المدير والوزير والرئيس أمَّ الأزمات التي نعاني منها. - أزمتنا في انعدام الوفاء للوطن والرجال والمؤسسات والمبادئ والقيم، وفي ولائنا للأشخاص وأصحاب المال والنفوذ، حتى طغت المادة والمصلحة على تفكيرنا وعقولنا، وغابت المعايير والمقاييس العلمية والثقافية والأخلاقية، لتحل محلها الأنانية والجهوية وغياب روح المسؤولية والنظرة المستقبلية لشؤون أمتنا وشعبنا. - أزمتنا في الوسط الرياضي الذي يسوده الكثير من الحقد والحسد والحساسيات والخلافات وتهميش الإطارات، فكانت النتيجة إخفاقات تلو إخفاقات، وشبابا تائها وتعيسا يتهرب من ممارسة الرياضة، ومن يمارسها لا يجد الأجواء والظروف الملائمة، وحتى من يستمتع بها لا يجد المتعة والفرجة التي يرجوها. - أزمة إعلامنا أخلاقية أيضا، لأن أغلب باروناته لا يلتزمون بأخلاقيات المهنة، وتحولوا بأقلامهم وألسنتهم إلى أبواق تطبل وتزمر، ناكرين لجهود الرجال والنساء والمؤسسات، ومثيرين للفتن والأحقاد، وطغت على كتاباتهم السلبية والانهزامية والنكران، أو الدعاية لفئة من الانتهازيين والوصوليين والمغامرين بمصير البلاد. - أزمتنا ليست مادية ولا بشرية، بل هي أخلاقية وتربوية وفكرية، لأننا أخفقنا في التشخيص، وفي اختيار المشروع الذي نريده لأبنائنا وبناتنا، بعيدا عن الذاتية والأنانية، وقريبا من المهنية والاحترافية في التفكير والممارسة. - أزمتنا أزمة رجال لا يقدّرون الرجال ويحتقرونهم ويظلمونهم ويقللون من شأنهم، وأزمتنا الكبرى في استمرار اعتقادنا بأن مشاكلنا سياسية واقتصادية واجتماعية، وبأن الشعب في حاجة إلى المأكل والملبس والمسكن فقط، فلم نستثمر في الرأسمال البشري والطبيعي الذي تزخر به بلادنا، حتى تفاقمت مشاكل الفساد والسرقة والنهب والجرائم الأخلاقية والمتاجرة بالمخدرات، في ظل التسيب وسياسة اللاعقاب على كل المستويات . إن أزمتنا مخيفة تثير الألم والحسرة واليأس والإحباط، وتهدد حياتنا وأجيالنا وحاضرنا ومستقبلنا بالفشل والإخفاق، ولكن كل هذا ليس قدرا محتوما ـ طال الزمن أو قصر ـ في ظل وجود الرجال والنساء والمقومات والنيات الحسنة في السياسة والثقافة والاقتصاد والرياضة، ومصير الخير والحق والعدل أن يعلو فوق الجميع.
| |
|