خطار حفاوي
نائب المدير العام
عملي : هويتي : المزاج : الساعة الآن : الموقع : alasl01@maktoob.com الوظيفة : الشبيبة و الرياضة عدد المواضيع : 30553
بطاقة الشخصية مشاركة الموضوع : مشاركة
| موضوع: الاختلاف رحمة والاحترام واجب الخميس 02 يونيو 2011, 00:10 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] في الاختلاف رحمة.. قالها الأولون ونقولها كلنا ونكررها دوما للاستهلاك، لكننا لا نعرف معناها ولا مغزاها، ومتى نقولها وأين موقعها من كل تصرفاتنا. ونقول لأبنائنا إن "الاحترام واجب" وضروري في علاقاتنا ومعاملاتنا ونوصي به بعضنا بعضا، فكانت تنشئتنا على هذه المبادئ غايتنا منذ زمن، لكننا لم نوّفق تماما لأن المعايير والمفاهيم اختلطت علينا وصرنا لا نفرق بين الاختلاف والخلاف وبين الاحترام والولاء، وأصبح من يخالفنا الرأي خصما وعدوا يجب تحطيمه، ومن يحترمنا جبانا وضعيفا نحتقره ونذله، وانعكس ذلك على كل مناحي الحياة، وازداد الكره وتعمقت الأحقاد، وضاعت القيم وتحطمت المؤسسات والرجال.
لست متخصصا في المصطلحات واللغات ولا في التربية والتعليم، ولا أدّعي
- الكمال وأعطي الدروس لإخواني، بل إنني مثلكم وربما أسوأ منكم، ولكنني أتجرأ
اليوم للحديث عن واقعنا الذي لا يمكن أن يستمر، وقد اختلطت فيه كل المفاهيم، فصارت ثقافتنا وممارساتنا تفرق الجماعة وتنتج الخلاف، عوض أن تجمع بين المختلفين في الرأي وتثري الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والرياضية، وصرنا لا نحترم فيها آراء بعضنا وتوجهاتنا ومشاعرنا، فلا نحترم الرئيس والوزير والمدير والأستاذ والإمام، وهؤلاء بدورهم لا يحترمون أنفسهم ولا غيرهم، وحتى المناصر البسيط لنادٍ معيّن يحقد على مناصر ناد آخر ويكرهه ويعتدي عليه لأنه لا يقاسمه نفس المشاعر، والكبير لا يحترم الصغير والصغير لا يوقر الكبير..
- نختلف مع بوتفليقة ونعارضه ولا نطبل أو نزمر له، ولكن قيمنا وأخلاقنا
تفرض علينا احترام الرئيس وعدم الإساءة إليه، بغض النظر عن اسمه لأنه مؤسسة دستورية اختارها الشعب، والرئيس بدوره مطالب باحترام الشعب واحترام كل من يقف معه ومن يخالفه الرأي فلا يخونه ولا يقصيه ولا يحتقره، ولا يرضى بالولاء المطلق الذي يعمي الأبصار ويصم الآذان ويهدد المجتمعات والحكام والأنظمة بالفناء مثلما يحدث في الكثير من البلاد العربية اليوم.
- تختلف الشخصيات السياسية والثقافية والرياضية في الآراء والأفكار
والمناهج، وتتنافس في ما بينها من أجل استقطاب المؤيدين، ولكن الاحترام والتقدير للرجال وللمواقف والأراء حتمية لا بد منها، نمارسها ونلقنها أبناءنا كي ينشؤوا على الاختلاف لا الخلاف، على الحب لا الكره، على المودة لا الإقصاء، وعلى الديمقراطية لا الدكتاتورية.
- نختلف مع المسؤول في الآراء والمناهج والوسائل، ولكن احترام الوزير
والمدير والكبير ضروري وواجب، والمسؤول بدوره ينبغي أن لا يعتبر الاحترام ضعفا وهوانا، ولا أن يطغى أو يظلم أو ينهب، كما لا ينبغي أن يستغل سلطته لنفسه وعائلته وعشيرته وحزبه.
- واقعنا اليوم للأسف الشديد.. كله خلاف لا اختلاف، وكله ولاء لا وفاء،
وكله إقصاء لا توافق وإجماع، وكله حسد وضغينة ونكران لأفضال الرجال، لا محبة واحترام وتقدير، وكله انبطاح وخوف وتخويف من إبداء الرأي واتخاذ المواقف وممارسة الحق في الاختلاف أو الاتفاق، فانقلبت المفاهيم حتى صار من يختلف معنا عدوًّا وخائنا يجب تحطيمه، ومن معنا ضعيفا يجب استغلاله واحتقاره.
- أكثر من كل هذا وذاك.. صار من لا ينتمي إلى جهتنا يحرم من الانتماء
إلى الجزائر، ويحرم من حقه في الترقية والمناصب، ونبحث عن رجال المنطقة والثقة وليس عن الرجال الأكفاء والمخلصين للوطن. وأغرب ما في الأمر أن المغضوب عليهم من طرف المسؤولين على كل المستويات ينفر منهم ويغضب عليهم كل القوم، فتجدهم يتصرفون تجاههم بكل الحقد والقسوة دون رقيب أو حسيب، ويحطمون الرجال بسبب مواقفهم ومبادئهم وبسبب اختلافهم مع "الملك".
- ندرك كلنا أننا متطرفون في الحب والكره، والتطرف في الأفكار والمشاعر
يولّد تطرفا أكبر، ونعرف أن الإقصاء يولد الحقد والضغينة، وتنتشر ثقافة تصفية الحسابات وتضيع المصالح بين هذا وذاك.. كم من وزير ثأر ممن سبقه، وكم من مدير مسح الأرض بسلفه، وكم من مسؤول جحد جهود من سبقه وبذل المستحيل لأجل محو أثره ، وكم من رجال ذهبوا ضحايا لتصفية الحسابات والإشاعات والوشاية والنميمة على كل المستويات.
- أكثر من هذا وذاك.. الغيرة والحسد والحقد الذي نتخبط فيه بسبب الأزمة
الأخلاقية التي نعاني منها، وأكثر من هذا وذاك الغفلة والجهل واللاوعي بوضعنا الذي نعاني منه، فتجد المدرب الوطني يترقبه زملاؤه لكي يفشل، والمدير محاط بعصابات مصالح تحفر له، والوزير مرغم على مراعاة التوازنات على حساب المبادئ ومصالح الوطن، والرئيس يفرق بين الجميع لكي يسود ويبقى في ظل الانقسامات والخلافات.
- إذا كان الجيل السابق فاته الأوان واختلطت لديه المفاهيم لأسباب ذاتية
وتاريخية وسياسية وجهوية، فإن الجيل الحالي -لحسن الحظ- يدرك أن الاختلاف لا يتعارض مع الاحترام، وأن الاحترام لا يعني الانبطاح والسكوت عن الظلم، فدعوه يمارس حقه في الاختلاف والاحترام واستمعوا لآرائه واقتراحاته في المشاورات الجارية اليوم بالموازاة مع الحرس القديم، لأن الإقصاء يوّلد التطرف والمزيد من الفرقة والضغينة، في وقت يحتاج فيه الشعب إلى قلب يحكمه لا إلى عقل يتحكم فيه وفي مشاعره..
| |
|