خطار حفاوي
نائب المدير العام
عملي : هويتي : المزاج : الساعة الآن : الموقع : alasl01@maktoob.com الوظيفة : الشبيبة و الرياضة عدد المواضيع : 30553
بطاقة الشخصية مشاركة الموضوع : مشاركة
| موضوع: لم نستثمر لا في النجاح ولا في الفشل!! الجمعة 24 يونيو 2011, 07:38 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بعد صدمة الخسارة بالرباعية التي مني بها المنتخب الوطني لكرة القدم في مراكش، وبعدما أفرغ كل واحد منا ما في جعبته من غضب وتذمر وانتقاد، وتأكد الجميع أننا مازلنا بعيدين عن المستوى العالي، ولا نملك مشروع لعب، ولا لاعبين كبارا، ولا منتخبا ناضجا متكاملا، حان الوقت لكي ندعو إلى الاستثمار في الفشل، بعد إخفاقنا في الاستثمار في النجاح الذي تحقق سنة 2009، وحان الوقت لكي يضع الجزائريون أرجلهم على الأرض، ويتعاملوا مع الواقع بعقولهم، لا بقلوبهم ومشاعرهم، لأن الكرة صارت مشروعا وعلما ومهنة ووسيلة لإثبات الذات ورفع المعنويات، وليست سجلا تجاريا يستغله الفنيون المزيفون الفاشلون، والمسيرون الذين يفتقدون للشجاعة الأخلاقية والكفاءة المهنية، وكذلك بعض الإعلاميين الذين يلعبون على مشاعر الجماهير العاشقة والمحبة للكرة والمنتخب، والتي تتألم في كل مرة، وتدفع الثمن لوحدها دون غيرها.. صحيح أن أداء المنتخب ونتائجه لم يكونا في مستوى الإمكانيات الكبيرة التي يتوفر عليها، وأننا سنغيب عن نهائيات كأس أمم إفريقيا المقبلة، وصحيح أن الخسارة بالأربعة ثقيلة ومُرّة وقاسية، وأن بعض اللاعبين لم يكونوا في المستوى، وأعطيناهم قيمة وأهمية أكبر من حجمهم، وأن اختيارات المدرب لم تكن موفقة.. كل ذلك صحيح، ولكن لا ينبغي أن يدفعنا إلى الإساءة إليهم، وتسويق الإحباط وتحطيم المعنويات وتكسير كل شيء جميل والعودة إلى الصفر، ولا إلى بلوغ درجة ربط مصير الجزائر والجزائريين بالمنتخب دون غيره من المجالات الأخرى المريضة، التي تتطلب منا الاهتمام بها وتطويرها أو المطالبة بتغييرها. الجزائر والجزائريون حققوا الكثير من الإنجازات في كل المجالات، وتنتظرهم الكثير من التحديات في السياسة والثقافة والاقتصاد والصحة والتربية والتعليم، ورياضتنا تبقى كلها مريضة وبحاجة إلى عناية واهتمام، وغالبية أبنائنا يعانون التعاسة والتهميش والبطالة و"الحقرة" وقلة العناية بانشغالاتهم، لذلك لا ينبغي تغطية الشمس بالغربال، والحديث عن المباراة والمدرب واللاعبين بمعزل عن المحيط، وبعيدا عن مستوى البطولة الوطنية والمسيرين والمدربين والإعلاميين، وعن الثقافة الرياضية السائدة عندنا، والتي نكتفي فيها بالتشخيص والانتقاد دون القدرة على إيجاد الحلول لمتاعبنا في المجال الرياضي.. إن ربط مصير الجزائر والجزائريين بالكرة والمنتخب دون غيرهما من المجالات الأخرى المريضة أمر مبالغ فيه من قبل بعض المغامرين، وبعض الزملاء الإعلاميين الذين يتحملون بدورهم قسطا من المسؤولية، لأنهم تاجروا بالمنتخب واللاعبين وبمشاعر الناس، فنصّبوا بن شيخة جنرالا ونعتوا اللاعبين بالكتيبة، وصوروهم نجوما، وراحوا يلهثون خلفهم وينقلون عنهم أخبارا لا نسمعها ولا نقرؤها عن ميسي ورونالدو، ولا عن إسبانيا والبرازيل، وساهموا في تغليط الرأي العام، وأوهموه بأننا وصلنا إلى المستوى العالي، وأن بإمكاننا الفوز على المغرب في مراكش، حتى إن مهدي مصطفى الذي ينشط في الدرجة الثانية من الدوري الفرنسي لم يصدق كل هذا الاهتمام الإعلامي الذي لم يلقه شعبان مرزقان في أعز أيامه! لقد ساهمت صحافتنا في تسويق الأكاذيب والأحلام الزائفة وتغليط الرأي العام، وتاجرت باللاعبين والمدربين، وانقلبت على أعقابها بعد رباعية مراكش، تتبرأ مما حدث، وتسوق الحقد والانتقام والكره عوض الحب والأمل والطموح، وراحت تنقلب 180 درجة على من وصفتهم بالكتيبة، وبعده احتارت بين الدعوة إلى انتداب المدرب المحلي أو الأجنبي، وبين الاعتماد على اللاعب المحلي أو المغترب، وراحت تخوض في نقاش بيزنطي عقيم، في محاولة لتنصيب المدرب الذي يناسبها واللاعب الذي تريد. تذكرون دعوتنا إلى الاستثمار في التأهل إلى المونديال سياسيا واجتماعيا ورياضيا، ولكننا ـ للأسف ـ لم نفعل ومارسنا الاستغلال السياسي والاجتماعي والإعلامي دون استثمار، وها نحن نعود إلى استغلال الخسارة في ظرف يتطلب منا الاستثمار فيها وفي الإقصاء، وتصحيح ما يمكن تصحيحه، والبحث عن موطن الخلل في منظومتنا الرياضية، التي لم تعد تصنع الأبطال، وكرتنا التي لم تعد تنجب اللاعبين، ومايزال يتكلم فيها المدربون والمسيرون أكثر مما يعملون، وبعض صحافتنا التي صارت منبرا للفاشلين والحاقدين والانتهازيين، أو المطبلين والمزمرين، طمعا في منصب وكعكة أو شعبية زائفة، على حساب مشاعر الجماهير الوفية والعاشقة لبلدها ومنتخبها. إن أداء صحافتنا الرياضية هو الذي يجب إعادة النظر فيه، قبل إعادة النظر في اختيار المدرب وفي أداء اللاعبين وطريقة اللعب، والاحتراف الذي نصبو إليه، يجب أن يمس مهنة الصحافة قبل أن يمس ذهنيات المسيرين وممارساتهم، وعندما يخسر المنتخب مباراة كروية أو ورقة التأهل إلى النهائيات، أو حتى نهائي كأس العالم، فإن الجزائر يجب أن تبقى واقفة وشعبها شامخا ومعنوياته مرتفعة، ونتوقف عند الإيجابيات لتدعيمها، وعند السلبيات لتجنبها، ولا نتوقف عن العمل والجهد، ولا تتوقف الحياة وتتحطم المعنويات، لأن مصير الجزائر مرتبط بموارده البشرية لا المالية، ومرتبط بالمشروع الذي نريده لمجتمعنا في السياسة والاقتصاد والثقافة والرياضة لا بالمنتخب ومن يدربه أو من يلعب فيه، والشعب لا يريد الكذب والإثارة والافتراء والإساءة إلى بعضنا البعض وقلة الأدب، بل يريد الخبر اليقين والرأي والرأي الآخر، والتحليل الفني القريب إلى الواقع، ويريد الاستثمار في الفشل مثلما يريد الاستثمار في النجاح.. أقول: "الاستثمار الأمثل وليس الاستغلال البشع" لأننا هرمنا وتعبنا من الكلام لفارغ..
| |
|