عبد القادر تيديكلت
المدير العام
عملي : هويتي : المزاج : الساعة الآن : الموقع : تيديكلت ابداع الوظيفة : المدير العام للمنتدى عدد المواضيع : 32873
بطاقة الشخصية مشاركة الموضوع : مشاركة
| موضوع: ما زلتُ عند وعدي!! الجمعة 05 أغسطس 2011, 19:08 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ما زلتُ ملتزما بالهدنة التي أعلنتُها في مقال سابق، بشأن الكتابة عن تفاصيل الكرة والمنتخب إلى حين، حتى نريح القارئ من القيل والقال وكثرة السؤال، ومن الحديث عن تفاهات ومتاهات كثيرة، أبعدتنا عن شؤون أكثر أهمية، ولكنني سأواصل الكتابة عن الشباب والرياضة والممارسة، وعن شؤوننا اليومية ومتاعبنا ومحاسننا وتحدياتنا، وما ينتظر وطننا وأبناءنا، وسأستمر في التعبير عن الأسف والحزن على ما نحن فيه، رغم قدراتنا الخارقة في تجاوز كل المحن والصعاب، ورغم ما حققناه من إنجازات وانتصارات.
- سأستمر في هذا الاتجاه، خاصة أن الحياة في الجزائر لم تتوقف بانتهاء
الموسم الكروي، ولا بتعثر منتخبنا الوطني، ولم تتوقف بإهمالنا للرياضات الأخرى والمرافق الرياضية، ولم تتوقف رغم الجمود السياسي الرهيب، والفراغ الثقافي الغريب، والركود الاقتصادي المستفحل، والاختلال الاجتماعي المستمر، لكننا مع ذلك، لم نفقد الأمل في غدٍ أفضل مهما أسأنا إلى وطننا وإلى بعضنا البعض. عندما تغادر الجزائرَ وتعود إليها في كل مرة لتزورها، وتقارنها مع غيرها من البلدان، تدرك عظمة هذا البلد، وعظمة شعبها، وتدرك في الوقت نفسه حجم الضرر الذي نلحقه بهما، عن وعي أو عن قلّته، وتقتنع بأننا نبتعد بتصرفاتنا وإهمالنا عن تطلعات شعبنا وطموحاته، وأننا نتراجع في مجالات كثيرة، ونراوح مكاننا في مجالات أخرى كثيرة أيضا. ففي الكرة.. لم نستثمر في التأهل إلى المونديال، وفي الإقبال الجماهيري على الكرة، والهبة الوطنية التي رافقتها، وتراجع مستوانا الفكري والفني والأخلاقي عند ممارسة اللعبة التي يعشقها أبناؤنا، حتى وصل بنا الأمر إلى اليأس وفقدان الأمل، والشك والخوف من المستقبل. وفي عموم الرياضة.. لم نعتنِ بالرياضة الجماهيرية والمدرسية ورياضة المستوى العالي، ولا بالمرافق الرياضية والرياضات الجماعية والفردية الأخرى، رغم ما نملكه من موارد بشرية ومادية، حتى صرنا نشك في وجود نيات حسنة، ونعتقد بأن هناك من لا يروقه تألق الجزائر ورياضييها، ومن لا يعجبه تحقيق الانتصارات لأنها من صنع غيره!! وفي السياسة.. لم يتغير شيء، بل تراجعنا في عديد المواقع وقتلَنا الجمودُ، ولم ندفع بوجوه جديدة وأفكار ومشاريع عصرية، ولم نترك الفرصة للجيل الجديد، كي يبرز ويتألق ويصنع مستقبله بيده دون وصاية، وما زلنا نمارس الإقصاء والاحتقار لمن يختلف معنا ويعارضنا. وفي السياحة.. لم نفعل شيئا لاستقطاب من كانوا يحجون إلى تونس ومصر وسوريا، بل لم نفعل شيئا لاستقطاب أبنائنا في الداخل والخارج، نحو بلد جميل منحه الله ما لم يمنحه لغيره من الخيرات والبحار والجبال والرمال التي يحسدنا عليها القريب قبل الغريب. وفي الثقافة والفنون والمسرح والسينما.. حدّث ولا حرج عن ثقافة المناسبات والأعياد فقط، دون تخطيط واستمرارية في تزويد أبنائنا بغذاء العقل والروح والقلب، رغم الثراء والتنوع اللذين تزخر بهما الجزائر. أما عن ثقافة الدولة فتلك الطامة الكبرى، إذ صرنا نحِنُّ إلى الزمن الجميل، عندما كان المدير مديرا والوزير وزيرا، وكانت المؤسسات رمزا لهيبة الدولة، وكانت كرامة الجزائريين من كرامة الجزائر، وعندما كانت المسؤولية أمانة وتكليفا قبل أن تكون تشريفا، وكان الكل يبادر ويتحمل مسؤولياته ويعمل فيخطئ ويصيب.. في مجال الصحة تدهورت الأوضاع وتراجع الأداء في المستشفيات والعيادات بسبب قلة الإمكانيات والمرافق، ولم نقدر في العاصمة مثلا على إنجاز مستشفى جديد يخفف الضغط على مصطفى باشا، وصار الموت أرحم للمرضى من المعاناة، رغم الكفاءات التي يزخر بها القطاع. وفي الاقتصاد والمشاريع الكبرى والصغرى.. يتحدث المختصون عن تعثر الآلة، رغم الموارد المالية الضخمة والكثير من النيات الحسنة، وتتحدث الصحافة عن النهب والفساد وتضييع المال العام دون حسيب أو رقيب. وفي مجالات عدة.. يتحدث الناس عن توقف كل شيء، وسط صمت رهيب وتواطؤ غريب، وسوء تقدير لعواقب ما نحن فيه.. قد يعتقد البعض بأنني من المتشائمين أو الجاحدين لجهود الرجال والمؤسسات، وكل الإنجازات التي تحققت، ولكنني لست كذلك، ولست من أنصار تسويد كل شيء، بل أنا من دعاة التميز في كل شيء، لأننا نملك المقومات ونستحق أكثر مما نحن فيه، ففي الجزائر رجال ونساء أكفاء ومخلصون في كل المستويات، لكنهم مكبَّلون ومحاصرون، ومدفونون وهم أحياء؛ بأمراض الغيرة والحسد والجهوية والمحسوبية والنرجسية والأنانية، وانعدام روح المسؤولية، واللامبالاة، وغياب الشجاعة في المواجهة والمكاشفة والمصارحة. والأخطر من كل هذا.. ثقافة "الشيتة" التي عشّشت في العقول وعلى شتى المستويات، وزادت من إهانة الكثير من الإطارات، الذين فرضت عليهم ثقافة لم تكن متفشية بهذا الحجم، حتى صرنا لا نفرق بين المخلص والمخادع، والشجاع والجبان، وأصبح الوزير والغفير سواء.. يحلمان بالهجرة لأجل حياة أفضل، والهروب من وطن يستحق تضحيات عشرات الملايين من الشهداء وليس مليونا ونصف مليون فقط، ويستحق منا التخلص من أنانيتنا، لأجل شعب طيب وصبور ضحى بالكثير ومستعد للمزيد، ولكن.. للطيبة والصبر حدود.
- derradjih@gmail.com
| |
|