الانثروبومتري والخصائص المرفولوجية لزناتة الصحراء
عن الاستاذ أ- لوبلون : أستاذ علم التشريح بجامعة الجزائر وعضو بالمعهد الدولي للأنثروبولوجية
- خلال رحلتنا الحديثة السريعة ( 6.500 كلم في 24يوم) في الصحراء الوسطى مرورأ بورقلة ؛ فور فلطرس امقيد ؛ جانت(طاسيلي أجير) ؛ تمنراست ؛ الهقار ؛ عين صالح ؛ تميمون ؛ المنيعة . تمكنت و بفضل تكرم الجنرال منيير المدير؛ و النقيب لهيرو وضباط إقليم الجنوب و رغم قصر وقت التوقف في المواقع الصحراوية
من القيام بفحص حصة من توارق الاجير؛وحصة من توارق الاهقار؛وحصة من توارق الإفوغاس وبعض الشعانبة ومجموعة مهمة من الزناتة متجمعين في عين صالح وفي تميمون وفي المنيعة
وهذه المجموعة الأخيرة هي التي سنقوم بدراسها هنا :
وتحتوي على 31 شخص منتقين بعد فحص أولي أجري على المجموعات الأكثر عدداً والتي قدًمت لي من طرف رؤساء القصور على أنهم زناتة ولكن 50% منهم أردت إستبعادهم من ملاحظاتي لإنهم مختلطين إختلاط قوي بالسود
لأن إنتباهي كان مشدود بكل فضول الى قبيلة الزناتة والى افرادها وما تمثلة. في عيشهم في تجمعات معزولة وعاداتهم وتاريخهم و أثار أقدم شعب بربري في أفرقيا الشمالية و الأكثر قدمأ من الأخرين ربما. وعلى الأقل حافظوا أكثر من معاصريهم على الأصالة في العيش وتجنبوا بكل حذر إختلاط أعراقهم و الذي حتى الآن يفرق الزناتة عن غيرهم في ما يخص الحياة الإجتماعية.
من جيهة أخرى هل يُمكنُ للفحص الأنثروبولوجي أن يثبت وضعية النوع العرقي الحالي لهذه المجموعة وأن يعطي بعض المؤشرات على تجانسهم مع جيرانهم وخاصة البربر الصحراوين (بربر الصحراء) ؟.وهذه الأسئلة المطروحة هي التي دفعتني الى أخذ هذه الملاحظات التي أنشرها في هذه الدراسة.
- أنا لا أحمل إلا مساهمة بسيطة ؛ ففيما يخص مسألة شعب بربر شمال إفريقيا لزالت عسيرة وصعبة و بعيدة عن الصيغ التي يمكن أن تحل نهائيآ . و إذا كانت موجودة فإنه غير معروف عندنا حل لهذه المعضلة
إبن خلدون صنف الزناتة من البوتر أو بدو الشاميين وينستهم الى شام و يقول أن أصلهم سورين
والمجموعات الأساسية لزّناتة عند إبن خلدون هم : الجراوة ؛ المغاوة ؛ وبني إفرن. و نواحي تجمعهم سجلماسة ؛ وتوات ؛ لفقيق ؛ وأمزاب ؛ورقلة الزاب و نفزاوة ......الخ. من طرابلس حتى ملوية.
وهم صناع المقاومة البربرية ضد العرب المحتلين بقيادة كوسيلة والكاهنة.
حسب (و- مرسيس) جزء من هؤلائ الزناتة لا يمكن إعتبارهم من البوتر؛ كفلاحين جبل أنفوزة بطرابلس و الجراوة بالأوراس. لقد أعطى) أندري جوليان) لزناتة أصل مرة بدو رحل؛ ومرة مقيمين.وحالياً التجموعات التي تدعي أنهم من أصل زناتة و إحتفظوا بالإسم فهم ترسخوا كمقيمين في قصورالواحات
هل الزناتة الحاليين هم منحدرين من أصل الزناتة الذين تحدث عنهم إبن خلدون ؟ هذا السؤال يطرح بقوة عند البحث في أصل جزء من زناتة عين صالح وهم قبيلة أولاد سكنة أو أولاد سوكنة.
يجب الإشارة أن بعض الشهادات الأتية لاحقاً تؤكد الأصل البربري لبعض الزناتة وأن شعبة من توارق الهقار قد يكونون قادمون من هوارة أو أكبر البربر الملثمين من جنوب المغرب.
هذا ما يخص موضوع أصل زناتة عين صالح و الأكثر أهمية ما أرسل لي من طرف الملازم المترجم (لسورد)
من عين صالح وهي تعتبر رويات التراث الشفهي لكبار رؤسا القبائل
زناتة عين صالح
زناتة عين صالح يتكنون من جزئين جد مختلفين
1- أولاد سوكنة
2- أولاد ديحمو(ديحمان)
I - أولاد سوكنة
أولاد سوكنة في الأصل توارق. إلا أنهم و مع مرور الوقت وبسبب إرتباطهم بالزناتة أصبحوا يعدون ضمن هذه الفئة
الأسطورة المتداولة في البلاد هي :
- سلف أو جد أولاد سوكنة تارقي نبيل من الهقار و في يوم من الأيام قتل أحد أبناء قبيلته و بعد القيام بهذه الجريمة فرّ وجاء لاجئً الى عين صالح
ومرت أعوام كثير قبل أن يأتي أبناء قبيلته يبحثون عنه ويطلبون منه العودة للإقامة معهم في الهقار إلا أنه رفض ذالك . التوارق إذاً طلبوا من الجماعة (جماعة عين صالح- مجلس البلدة) التوسط عند إبن قبيلتهم
الجماعة عقدوا المجلس و إستدعوا التارقي لإقناعه بالعودة الى قبيلته وأوضحوا له أن أبناء قبيلته قد سامحوه وأن ليس عليه دفع الدية لإهل القتيل إلا أن التارقي تمسك بأقواله ولكي يشرح الأمر للجماعة بالعربية أي أنه يريد البقاء والإستقرار بعين صالح مع أنه لايحسن الكلام بالعربية فكان يخاطب أبناء عشيرته (بالطماشق) أمام الجماعة ويردد لمرات عديدة أن سوكنة هنا أن سكنة هنا
( أن سكنة وهي كلمة مقلصة) وتعني أريد السّكن هنا
و على هذه الكلمة التوارق غادروه وعادوا الى الهقار وبقي إذاً التارقي بعين صالح وتزوج من مرابطة (إذاًإمرءة بربرية) و المرابطين يرضون بتزويج بناتهم من التوارق النبلاء
أولاد سوكنة يتزوجون في ما بينهم كما يتزوجون من الزناتة أولاد ديحمو(ديحمان) ومن المرابطين وهذا الإختلاط معروف جيداً عند الزناتة .
أولاد ديحمو(د يحمان )
أولاد ديحمو(ديحمان) أصلهم من المغرب. وهذه هي الأسطورة والتي يؤكدها الكثير من السكان الزناتة في البلاد
- شخص جاء يوماً الى عين صالح قادماً من الغرب (المغرب) و إستقر بها وكان السكان لايعرفون أصله فتزوج من حرطنية (الحرطين :أناس يشتغلون بالفلاحة في الواحات) إذاً وأنجب ولد وبنت فكبرا وتزوجا أيضاً في نفس المكان من حراطين وتبنوا عاداتهم و تقاليدهم . ومع مرور الزمن أحفادهم تزوجوا من أولاد سوكنة .
ورداً على سؤال طرحه عليه سكان عين صالح فيما يتعلق بأصله أجاب جد(سلف) أولاد ديحمو(ديحمان) قائلاً "أبي زناتي من الغرب"
- سكان المنطقة يرددون دوماً
1- إذا كان فلاحاً فهو حرطاني
2- إذا طلب الزواج من عربية فهو عربي
3- أذا كانت له مدرسة قرآنية فهو مرابط
4- إذا طلب الزيارة فهو شريف
5- إذا كان جزاراً فهو زناتي
و لا يمر على قدومه إلا وقت قصير حتى يصبح جزاراً فحين أذاً يعلن السكان بأنه كان زناتي الأصل.
ثم قامت الجماعة(جماعة عين صالح- مجلس البلدة) بسؤاله مرة أخرى عن أصله فقال:
" أنا لم أعرف أبي ؛ إلا أن أمي قالت لي أن أبي كان ينحر الجمال ويذبح الخراف وكان يمارس التجارة "
و الزناتة غالباً جزارة(جزارين)و حالياً أغلب الجزارة (الجزارين) بعين صالح زناتة والعرب لمّا يتكلمون عنهم يقولون " جدهم دم " ويعنون بهذا القول أن الزناتة يسعدون وهم يقطعون اللحم بأيديهم وأنهم أكبر آكلي اللحوم وأن أحسن من يحضّر المشوي هم الزناتة.
وهذه الفئة من السكان هم محتقرون من طرف العرب لأنهم يزعمون أن الزناتة ليسو من أصل دم بربري ولامن دم عربي نقي. ويصنفونهم في نفس المرتبة مع اليهود و يقولون أنهم مولودون من أب غير معروف .
هذه الرواية هي عن أصل جزء من زناتة عين صالح وكما نرى فهي على إختلاف مع الرواية التاريخية لإبن خلدون . ومن جهة أخرى فالسؤال المطروح على أقدم زناتة المنيعة وتميمون لم يوصلني لأي إجابة محددة عن موضوع أصلهم . فالزناتة في تميمون لا يعرفون أي شئ عن ماضيهم قبل إقامتهم في قورارة و ضواحيها
و أخيراً زناتة المنيعة منعزلون عن بقية السكان في قصر عند أسفل أقدم و أهم قلعة بربرية التي ملكها على الأرجح أسلافهم و التي كانوا يقاومون فيها الغوزاة العرب وجيرانهم البربر
من هذه اللوحة الأنثروبومترية والفحص المرفولوجي يمكن أن نستنتج بالنسبة لزّناتة الحالين أو على الأقل مجموعة تديكلت ؛ توات- قورارة الخصائص التالية :
هذه المؤشرات المرفولوجية قد أُخذت بالمقارنة مع المؤشرات الأنثروبومترية لجمجمة أوروبي 1متر. 65 ستم
نوع الوجه يختص بجبهة متوسطة مستقيمة مع أو بدون إنخفاض و الوجنة بارزة قليلاً
ففي البحث على مؤشر الوجه العريض في الحالة لجئت الى إستعمال القسمة:
قطر X100\إرتفاع الوجه
قياس قطرقاعدة الأسنان العلوية للوجه خصوصاً تشكل بعض الصعبات بالنسبة للشاش والفم في ما يخص السلسلة الأولى من توارق الأجير و الأهقار
ثم واصلت إستعماله أي المؤشر مع الزناتة فهذا المؤشر قد لا يستحق عدم الثقة التي وقع فيها ومن السهل أخذ إرتفاع الوجه فالخط الأمامي لشعر دائماً مخطط بوضوح إذاً قد يكون هذا هو الرابط الذي يتدخل في إستحسان العرض الواضح للوجه.
ففي هذه الحالة لزناتة مؤشر متوسط ب70.3 للوجه العريض.
المؤشر الأنفي يكون مرة منحني و مرة مستقيم ومرة يكون طويل ومسنن معقوف للأسفل بأجنحة منحدرة ومرتفعة وهو بوضوح بربري . وغالباً هذا النوع غير موجود ويعوض في أغلب الحالات بأنف ذو حافة مستقيمة أومقعر وقصير و عريض ما يدل على إحتمال إختلاطهم ببعض السود بدون أي إشارات أخرى واضحة الشعرغالباً مجعد ولا يكون مجعد إلا عند إختلاطهم بدماء السود المكتشفة من جهة أخرى بمؤشرالأنفي وشكل الأنف وسمك الشفتين وتقدمهم للأمام بسبب ضغط الفك والبقع المتواجدة على الغشاء المخاطي ..... الخ
في الخلاصة الزناتة المعروفون قديماً في الترتيب الأنتونوغرافي والأشهر والأكثر أهمية تاريخياً لهم خصائص أنثروبولوجية تقربهم في بعض الأحيان من المجموعات البربرية الأخرى إلا أنها غالباً ما تبعدها عن الفئات المعروفة جيداً من الناحية الإجتماعية و المغفولوجية كالقبائل والريفيين و الشلوحة والبربر والتوارق .
إذا كان لهم بعض التجانس وخاصة بالصنف الأحسن الأكثر تعريفأَ كبربر الصحراء أي التوارق. الرأس المستطيل ؛عرض الوجه ؛ شكل الأنف وضيق الأكتاف و الحوض . التوارق يعرافون غالباً بالتفاصيل مثل مجموعة ( الطول – شكل الوجه- طول الأعضاء الأناقة – الشكل – اللين )
هل التشابهات هي أثرلنقطة إنطلاق حديثة. كما ينطبق تماماً على الحالة المشاراليها أي أولاد سوكنة بعين صالح و الذي يؤكد تطابقها مع التراث الشفهي – وأم هي شهاداة أحدالأباء القداما الذي إلتسقت به خصائص الزناتة بسبب التزاوج أونمط المعيشة ؟.
لايمكننا حالياً الإجابة على هذا السؤال
الإنطباع الذي يبقى من هذه الدراسة لحصة متفرقة من الزناتة: هي دراسة نوع من البربرالسُفلي أقل رسماً وأقل أصالةً من المجموعات الأخرى وهو نتاج مهجن في إنحطاط دائم منذو القدم بسبب إختلاط الأجناس ونمط المعيشة و من الممكن أن تكون الآثار الباتولوجية